مدينةُ السَّحرِ البتراء

تعدُّ البَتْراءُ عَروسَ الصَّحراء وابنةَ الجِبالِ الشَّماءِ بِلا مُنازِعٍ، وهي دُرّةَ محافظة معان، تقع البتراء بَيْنَ وادي عَرَبَةَ وصَحْراءِ النَّقَبِ في جَنوبِ المملكة الأردنيّة الهاشميّة، والَّتي ما زالت حاضِرَةً إلى يومِنا هذا كَسَبيكةٍ من الذَّهبِ الخالصِ النَّفيسِ، بالرَّغْمِ من غِيابِ مَن صاغوها.

  يَعودُ الفَضْلُ في بِنائها للأنْباطِ المُنْحَدرينَ من أُصولٍ عربيّةٍ، حَيْثُ بَنوها في عامِ ثلاثمئة واثنيْ عشرَ قبل الميلاد من صُخورٍ رَمْلِيّةٍ زَهريّةِ اللَّونِ في جبال وادي موسى؛ لِذلك سُمّيت بالمدينة الورديَّة، ويُقَدّرُ عُمْرُ هذه الصُّخورِ نحو ستّمئة وخمسين مليونَ سنة.

وفي شَهْرِ تمُّوز عام 2007 اسْتَحَقَّتْ وبِجَدارةٍ أن تُصَنَّفَ كثاني عَجائب الدُّنْيا السَّبْع.

    للوُصولِ إلى آثارِ هذه المَدينةِ عَليْكَ الدُّخول في شقٍّ صَخْرِيٍّ يُدْعى (السِّيق) يَبْلُغُ طوله 1200م ويَصِلُ ارتِفاعُه إلى 80م وأحيانًا 100م، والَّذي أُقيمَتْ على جانِبَيْه قَنَواتٍ لِسَحْبِ المِياهِ، بالإضافَةِ لِسدودٍ مًهِمّتُها حَبْسُ المِياهِ وتَجْميعُها لإعادة اسْتِخْدامِها وَقْتَ الحاجَةِ، فَتَخْرُجَ مِنْهُ إلى الواجِهَةِ الوَرْدِيَّةِ المَنْحوتَةِ بالصَّخْرِ(الخَزْنَة )، وهِيَ أهَمُّ مَعالمِ البتراء، وتَتَألّفُ من طابِقَيْن، الطّابق العلويّ وهو عِبارَةٌ عن مَعْبَدٍ، وفي الطَّابق السُّفْليّ تُوجَدُ المَدافِن. أمّا المسرحُ فهو مُدَرَّجٌ مَنْحوتٌ في الصّخر، مُكَوّنٌ من عِدّةِ صُفوفٍ تَتَسِعُ لِعَشْرَةِ آلافِ مُشاهِدٍ، واجِهَتُهُ مُزَيّنَةٌ بِألواحٍ من الرُّخامِ.

       في هذا المَكانِ العَجيبِ سَتَرى أيضًا العَديدَ من المَعابِدِ والكَنائسِ كمَعْبَدِ قَصْرِ البِنْتِ، والمَحْكَمَةِ الَّتي تَحْتَوي على العَديدِ من الغُرَفِ والقاعاتِ ، ولا نَنْسى المُتْحَفَ الَّذي سَتَجِدُ فيه العَديدَ مِن القِطَعِ الأثَرِيَّةِ المُكْتَشَفَةِ .

      وما تَزالُ البتراء حَتَّى يَوْمِنا هذا تَحْمِلُ طابِعَ البَدَاوَةِ، إذْ تَرى الزَّائرينَ يَعْتَلونَ ظُهورَ الخُيولِ والجَمالِ لِكَي يَدْخُلوا إلَيْها في رِحْلةٍ تَبْقى في الذَّاكِرَةِ طِوال العُمْرِ.