احتلال جمال باشا متصرفية جبل لبنان

لمنع التمرد في الجبل، ومخافة من قيام ثورة، وللدفاع عنه ضد أي غزو محتمل من قبل الحلفاء، تقرر احتلال جبل لبنان، فدخل في 22 تشرين الثاني 1914 الى جبل لبنان، 16 ألف تركي، متخذين لهم مواقع في كل أنحائه. واتبع جمال باشا الذي خاف زكي الفاروقي في القيادة العامة، سياسة متشددة تجعل قيام أية زعامة معادية له مستحيلة، فكان هدفه الأساسي إخضاع مجلس الإدارة الكبير والكنيسة المارونية الأكثر شعبية و تأثيراً في الجبل والأقوى معارضة. و بدأ في مطلع العام 1915، بتقليص سلطة مجلس الإدارة، واعتقل بعض من أعضائه ومنهم حبيب باشا السعد، ثم حل مجلس الإدارة بأكمله، وعين مجلساً جديداً، ثم حله فيما بعد، وضغط على المتصرف أوهانس باشا في حزيران 1915 حتى استقال وعُين حاكماً مسلماً مكانه يدعى علي منيف، وألغي الحكم الذاتي في جبل لبنان وحلت مكانه إدارة عثمانية مباشرة مناقضاً بذلك نظام البروتوكول الدولي المرفوع لمتصرفية جبل لبنان العام 1864. وشكل الديوان العرفي في عاليه، و نفى عدداً كبيراً من اللبنانيين، كما أعدم فريقاً منهم في بيروت ودمشق، وفرض الحصار البري على جبل لبنان، ومنع سكانه من ارتياد مناطق البقاع وعكار والجنوب، التي كانت تخضع للسلطنة العثمانية، لشراء المواد الغذائية، وحرم دخول الحبوب الى الجبل، وصادر الأبنية العامة وأديرة الإرساليات الأجنبية وحولها الى ثكن و قلاع، وصادر وسائل النقل، وطبق التجنيد الاجباري، والتعامل بالنقد الورقي “بنكنوت” الذي حل مكان الليرة الذهبية العثمانية فهبطت أسعار العملة التركية، فتردى الوضع الاقتصادي وانتشرت المجاعة وازداد عدد الموتى بشكل مخيف …… والغاية من ذلك كله إضعاف إمكانية اللبنانيين الوطنية، وشل قدرتهم على المقاومة ومحاربة السلطنة وإجلاء الفئة الموالية لفرنسا عن لبنان.. وترحيل المسيحيين اللبنانيين أسوة بالأرمن من الأناضول.