جمهورية أتاتورك: الكمالية والأوربة
تمثل معاهدو لوزان، 23 تموز / يوليو 1923، تاريخ الولادة الثانية للدولة التركية، بعد الولادة الأولى عام 1299. وما كان عصر القوة والعظمة مستحيلًا، بل غير مطروح أصلًا، تحوّل بعد هزيمة الحرب العالمية الأولى وولادة الجمهورية في 29 تشرين الأول / أكتوبر 1923، إلى “أمل” أو “احتمال” على الأقل بالنسبة لأحد طرفي العلاقة، أي أن تكون تركيا جزءًا من أوروبا، جغرافيًّا وثقافيًّا وحضاريًّا، ولنقل حتى دينيًّا بمعنى تعطيل الإسلام كقوة محركة في المجتمع والسياسة.
طبعًا لم تبدا مسيرة الأوربة مع أتاتورك. وما كان يعتبره البعض في تنظيمات 1839 و1856 ودستور 1876… إلخ، مجرد إصلاحات لتحسين أداء الدولة ومنعها من الانفجار الداخلي، ومواكبتها للتقدم، كان البعض الآخر، الغربي النزعة، يعتبره خطوات في الطريق إلى أوروبا، إلا أن التحوّل نحو أوروبا بما هي قيم ثقافية وسلوكية، بدأ عمليًّا مع مصطفى كمال أتاتورك، وإن لم تكن تجربة أتاتورك، في كثير من نواحيها، تمّت إلى الأوربة، ي عمقها المعروف آنذاك، سياسيًّا واقتصاديًّا وتحالفات.
نظر أتاتورك إلى أوروبا على أنها النموذج مضمونًا وشكلًا. وكان بذلك أول زعيم يتبنى الحضارة الأوروبية نهجًا رسميًّا للدولة. يقول أتاتورك: “الحضارة التي يجب أن ينشأ عليها الجيل التركي الجديد هي حضارة أوروبا مضمونًا وشكلًا. لأن هناك حضارة واحدة هي الحضارة الأوروبية، هي الحضارة القائدة، والحضارة الموصلة إلى القوة والسيطرة على الطبيعة، وخلق الإنسان السيد والأمة السيّدة… وإن جميع أمم العالم مضطرة إلى الأخذ بالحضارة الأوروبية لكي تؤمن لنفسها الحياة والاعتبار”.
وهو ما كان يردده في مطلع القرن العشرين كل من المفكّرين التركيين، أحمد مختار بقوله “إما أن نصبح غربيين، وإما أن نهلك”، وعبد الله جودت بقوله “ليس هناك حضارة أخرى. الحضارة تعني الحضارة الأوروبية”.
مصدر المستند
أوروبا والشرق الأدنى (1920 – 1973) الجزء الثاني – مجموعة باحثين (منشورات الجامعة اللبنانية 2002)
تعريف المستند
جمهورية أتاتورك: الكمالية والأوربة
سعي أتاتورك إلى أوربة تركيا
أسئلة حول المستند
ما أثر معاهدة لوزان على الحياة في تركيا؟ هل قابل أمر التغيير صعوبات كثيرة؟