أسباب الحروب الصليبية

واذا كانت الحروب الصليبية تنسب الى البابا أربان الثاني، فإن دور الراهب بطرس، الذي اشتهر باسم بطرس الناسك، هو الدور الأول فيها، وهو الذي استطاع إعداد النفوس واثارة الحفائظ، مما سهل استجابة دعوة اربان بعد مؤتمر كليرمون في فرنسا …. ومن الطرائف العجيبة أن الناسك بطرس هذا الذي أثار الناس و دعاهم الى التضحية و الفداء في سبيل المسيح و قبره، والذي يعتبره بعض المؤرخين الفرنسيين نبي الحركة الصليبية، قد ولى الأدبار منهزماً عند أول شدة نزلت بالصليبيين وذلك عندما عنف عليهم حصار أنطاكية سنة 1098، فتخلى عنهم بطرس و هرب .

وعلينا أن لا ننسى أنه كان هناك لطبقة معينة من الشعب دافع دنيوي مضافاً الى الدافع الديني دعاها الى أن تكون في طليعة الملبين المستجيبين. هذه الطبقة هي التي كان يُلزمها نظام الاقطاع السائد يومذاك بملازمة أرض الاقطاعي، فرأت في مساهمتها بالحروب الصليبية تخلصاً من هذا الالتزام، وانعتاقاً مما تعانيه منه.

مضافاً الى ذلك ما كانت قد عانته أوروبا كلها خلال عدة سنوات متتابعة من قحط نتجت عنه مجاعات و انتشار للصوصية، مما جعل المدن و القرى تضيق بأهلها، فأسرعوا للرحيل الى البلاد التي قال عنها كتابهم المقدس انها تدر سمناً و عسلاً. و اذا كان جمهور المسارعين هو جمهور فرنسي، فقد جاءت جماعات من انكلترا والنمسا وأسبانيا، و يجمع الجميع كونهم من الطبقة الدنيا الجاهلة الفقيرة.