منشور نابليون إلى المصريين

منشور نابليون إلى المصريين

 

وأثناء ما كانت العمارة الفرنسية في طريقها لمصر وفي يوم 27 يونيو 1798 كتب نابليون منشورًا صيغ في قالب عربي بواسطة المستشرقين الذين رافقوا الحملة وطبعت منه نسخ عدة بغية توزيعه لأهالي مصر توضح فيه أهداف الحملة ومقاصده نحو المصريين. وقد نقل الجبرتي هذا المنشور بنصه في كتابه.

“بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله لا ولد ولا شريك له في ملكه. من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية السر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابرت. يعرف أهالي مصر جميعهم أن من زمان مديد السناجيق الذين يتسلطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملّة الفرنساوية ويظلمون تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي. فحضر الآن ساعة عقوبتهم وأخرنا من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلاد الأبازة والجراكسة يفسدون في الإقليم الحسن الأحسن الذي لا يوجد في كرة الأرض كلها. فأما رب العالمين القادر على كل شيء فإنه قد حكم على انقضاء دولتهم. يا أيها المصريون قد قيل لكم أنني ما نزلت بهذا الطرف إلا بقصد أزالة دينكم فذلك كذب صريح فلا تصدقوه. وقولوا للمفترين انني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين وانني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى وأحترم نبيه والقرآن العظيم. وقولوا أيضًا لهم بأن جميع الناس متساوون عند الله وأن الشيء الذي يفرقهم عن بعضهم هو العقل والفضائل والعلوم فقط وبين المماليك والعقل والفضائل تضارب. فماذا يميّزهم عن غيرهم حتى يستوجهوا أن يتملكوا مصر وحدهم وويختصوا بكل شيء أحسن فيها من الجواري الحسان واليل العتاق والمساكن المفرحة. فإن كانت الأرض المصرية التزامًا للمماليك فليرونا الحجة التي كتبها الله لهم ولكن رب العالمين رؤوف وعادل وحليم. ولكن بعونه تعالى من الآن فصاعد لا ييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية وعن اكتساب المراتب العالية. فالعلماء والفضلاء والعقلاء بينهم سيدبرون الأمور وبذلك يصلح حال الأئمة كلها. وسابقًا كان في الأراضي المصرية المدن العظيمة والخلجان الواسعة والمتجر المتكاثر وما أزال كله إلا الظلم والطمع من المماليك.

أيها المشايخ والقضاة والأئمة والجريجية وأعيان البلد قولوا لأمتكم أن الفرنساوية هم أيضًا مسلمون مخلصون واثبات ذلك أنهم قد نزلوا في رومية الكبرى وخربوا فيها كرسي البابا الذي كان دائمًا يحث النصارى على محاربة الإسلام ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكوالريه الذين يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين. ومع ذلك الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني وأعداء أعدائه أدام الله ملكه. ومع ذلك ان المماليك امتنعوا عن طاعة السلطان غير ممتثلين لأمره فما أطاعوا أصلًا إلا لطمع أنفسهم.

طوبى ثم طوبى لأهالي مصر مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير فيصلح حالهم وتعلى مراتبهم. طوبى أيضًا للذين يقعدون في مساكنهم غير مائلين لأحد من الفريقين المتحاربين. فإذا عرفونا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلب. لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتنا فلا يجدون بعد ذلك طريقًا إلى الخلاص. ولا يبقى لهم أثر.

المادة الأولى: جميع القرى الواقعة في دائرة قريبة بثلاث ساعات عن المواضع التي يمر بها عسكر فرنساوية فواجب عليها أن ترسل للسر عسكر من عندها وكلاء كيما يعرف المشار إليه أنهم أطاعوا وأنهم نصبوا عليهم الفرنساوية الذي هو أبيض وكحلي وأحمر.

المادة الثانية: كل قرية تقوم على العسكر الفرنساوي تحرق بالنار.

المادة الثالثة: كل قرية تطيع العسكر الفرنساوي أيضًا تنصب صنجاق السلطان العثماني محبنا دام بقاؤه.

المادة الرابعة: المشايخ في كل بلدة يختمون حالًا جميع الأرزاق والبيوت والأملاك التي تتبع المماليك وعليهم بالاجتهاد التام لئلا يضيع أدنى شيء منها.

المادة الخامسة: الواجب على المشايخ والعلماء والقضاة والأئمة أنهم يلازمون وظائفهم وعلى كل أحد من أهالي البلدان أن يبقى في مسكنه مطمئنًا. وكذلك تكون الصلاة قائمة في الجوامع كالعادة والمصريون بأجمعهم ينبغي أن يشكروا الله سبحانه وتعالى لانقضاء دولة المماليك قائلين بصوت عال أدام الله إجلال السلطان العثماني. أدام الله إجلال العسكر الفرنساوي. لعن الله المماليك وأصلح حال الأمة المصرية”.   

مصدر المستند

تاريخ شعوب وادي النيل (مصر والسودان) في القرن التاسع عشر الميلادي، الدكتور مكي شبيكة، أستاذ تاريخ في جامعة الخرطوم، نشر و توزيع، بيروت لبنان، سنة النشر ١٩٦٥ الأرشيف/المكتبة: مكتبة رياض نصار

تعريف المستند

رسالة نابليون إلى المصريين في ٢٧ يونيو سنة ١٧٩٨، يخاطب نابليون أهل مصر، يتحدث فيها عن مساوىء المماليك و عن رغبته في تحرير المصريين من ظلم المماليك.

أسئلة حول المستند

● ما أصل المصدر؟ ( من كتبه) ● ما الغرض من هذا المصدر؟ ● كيف يصف نابليون طبيعة حكم المماليك في مصر؟ ● كيف يستفيد مؤرخ يكتب تاريخ حمله نابليون من هذا المصدر؟ ● ما محدودية هذا المستند، لمؤرخ يكتب تاريخ حملة نابليون ؟ ● ما مدى مصداقية هذا المستند؟

تم التحميل من قبل: Massader (Lebanon)