لامارتين في رحلته إلى المشرق

قد يكون الأديب الفرنسي ألفونس دو لامارتين هو الأول الذي شبّه المشهد الطبيعي اللبناني بالمشاهد الطبيعية التي كانت قد رآها في سويسرا وذلك في كتابه “سفرة إلى الشرق” (Voyage en Orient). فبعد مروره بأثينا وزيارته لها وللباشا حاكمها، وصل لامارتين إلى بيروت في السادس من أيلول 1832 الساعة التاسعة صباحًا. يصف لامارتين بيروت بأنّها إحدى كبرى المدى المأهولة على الساحل السوري، وكيف أنها تمتد على قطعة من الأرض تشبه اللسان المنحدر من سلسلة جبال لبنان المؤلفة من قمم غير متوازية تغطيها الغيوم والثلوج بما يشبه جبال الألب المغطاة أبديًا بالثلوج؛ يصف لامارتين كيف أنّ بيروت مغطاة بأغنى أنواع المزروعات، ومن الأشجار المثمرة وأشجار الزيتون.

بعد بيروت، ينتقل لامارتين إلى الجبل حيث يزور الأمر بشير في قصره الممتدّ بشكل مهيب على قمة بيت الدين القريبة من دير القمر (Couvent de la Lune) ; يصف لامارتين الأمير بأنه السيّد على الدروز وعلى كلّ جبال لبنان التي تضمّ سكانًا دروز وموارنة وأرمن ويونانيين ومتاولة. يصف لامارتين الأمير بشير بالمعمّر الجميل ذات النظرة الثاقبة واللحية الرمادية الكثيفة. وبعد جلسة معه دامت حوالي الساعة تخللها شرب القهوة وتنفيخ الغليون الطويل، يبدي لامارتين إعجابه بحكمة، وأنوار، وطرق الأمير العجوز النبيلة والكريمة في التعامل مع الضيوف.

في الثالث من تشرين الأول 1832 غادر لامارتين قصر الأمير بشير. يُبدي لامارتين وهو في الطريق اندهاشه من جمالية المشاهد الطبيعية، أراض مجلّله ومزروعة، قمم خضراء مغطاة بشكل هائل بغابات من الصنوبر، بلدات مبعثرة هنا وهناك يفصل بينها وديان وجبال، أديار ضخمة تعلو بعض القمم، أنهار تنساب ما بين الجبال يتخلل مسيرها أحيانًا تشكُّل بعض البحيرات الصغيرة ذات الماء الأزرق اللامع بما يشبه بحيرات سويسرا. كان ذلك المشهد الجميل قبل أنْ يصل لامارتين ورفاقه إلى الساحل السوري ليأخذوا فيما بعد الطريق باتجاه فلسطين وأورشليم.

(ترجمة بتصرّف)