الأبجدية الفينيقية و أصولها.

يقوم مبدأ الأبجدية على تقسيم الكلمة الى أصوات ممثلة برموز مختلفة, طوّر الفينيقيون هذا المبدأ, حتى توصلوا الى إستخدام الأحرف في الكتابة . لذلك لا يجوز , من الناحية العلمية , أن يتم تجاهل الدور لذي لعبوه في هذا المجال. إنّ اإختراع الأبجدية جاء نتيجة تطور حصل في محيط كنعاني , و تأثر بالكتابة الهيروغليفية التي كانت سائدة في مصر. كانت بلاد كنعان الواقعة بين بلاد ما بين النهرين و مصر , خاضعة للتأثير السياسي و الحضاري لكل من الجارين الكبيرين , لذلك لا نتعجّب من إكتشاف نقوش في بلاد الكنعانيين منذ الألف الثالث ق.م. مكتوبة بالهيروغليفية أو بالمسمارية . في القرون الأولى من الألف الثاني ق.م. برزت محاولات متفرقة لاعتماد كتابة محلية في المدن الكنعانية فقد توصلت مدينة جبيل الى إختراع نمط جديد , وصلتنا منه عشرات الشواهد المنقوشة على الأحجار أو على البرونز, و تشتمل النقوش على مئات الرموز , و هي كتابة مقطعية , بعضها شبيه بالرموز الهيروغليفية . و في فلسطين , التي كانت خاضعة للنفوذ المصري, تمّ إختراع كتابة جديدة شبيهة بالهيروغليفية مع رموز أكثر بساطة. و قد إكتشف العلماء حوالي أربعين نقشا” تمثل الكتابة السينائية منقوشة على تماثيل تذكارية , و ما أكتشف يبيّن أنها قريبة من الأبجدية الفينيقية.و في حدود منتصف الألف الثاني قبل الميلاد ق.م. كانت تستخدم في أوغاريت أبجدية تستخدم رموزا” مسمارية, و قد توزعت على نمطين : الأول كتابة مؤلفة من 30 رمزا” و تكتب من اليسار الى اليمين . أما الثاني فكتابة تستخدم من 22 الى 28 رمزا” و تكتب من اليمين الى اليسار. ثم بدأ إنتشار الأبجدية الخطية بشكل واسع في أواخر القرن الثاني عشر ق.م. كما تؤكد نصوص مكتشفة في مناطق عدة من فلسطين و لبنان.في القرن الحادي عشر ظهرت أبجدية بأحرف صامتة في أرض فينيقيا الأم. و يشكل ناووس أحيرام النموذج الأكثر وضوحا” لتلك الأبجدية.,و قد حفر على غطائه الملك إيتوبعل بن أحيرام أبجدية واضحة ,و نجد في النقش عشرين حرفا” من أصل 22.