موقف جمال باشا من ألمانيا ودول الوفاق الودّي
احتجاجات سفراء إنكلترا وفرنسا وروسيا
لم تكد المدرّعتان غوين وبرسلو تصلان إلى بحر مرمرة حتّى أقفلنا المضائق. وقد أدّى بقاء البحارة الألمان على ظهر المدرّعتين الألمانيتين إلى احتجاج السفارتين الإنكليزيّة والفرنسيّة على الحالة الجديدة. إذ رأتا أنّها تنافي خطّة الحياد. وكانت الاحتجاجات رسميّة وشخصيّة. وقد أصرّ ممثلّو دول الاتّفاق الودّي الذين لم يعرفوا من أمر التحالف مع ألمانيا شيئًا على دعواهم أنّ الألمان سيتّخذون عاجلًا أو آجلًا من وجود مدرّعتيهم وضباطهم العديدين فرصة لحمل الحكومة التّركيّة على الاشتباك في الحرب. فهم يرون أنّ خير وسيلة للاحتفاظ بالحياد أن نبعد البحارة الألمان عن السفينتين ونعيدهم إلى ألمانيا مع ضبّاط البعثة العسكريّة. والواقع أنّنا لو كنّا على الحياد التامّ لما أحجمنا عن اتّباع تلك الخطّة. بيد أنّنا في الحقيقة لم نعلن حيادنا إلّا لمجرّد اكتساب الوقت. ولم يكن قعودنا عن الاشتراك في الحرب إلّا ريثما تنتهي التّعبئة العسكريّة.
وفي الوقت نفسه قرّر الوزراء في اجتماعاتنا المعتادة في قصر الصدر الأعظم أن أتّصل بالسفير الإنكليزي السير لويس ماليت وأن يتّصل جاويد بك بالسفير الفرنسي. وأن نسعى في إزالة ما قد يعلق في أذهانهما من الشكوك في المعاهدة التّركيّة- الألمانيّة.
وفيما أنا أحادث السير لويس ماليت ذات ليلة في منزله في ترابيا. إذ به يلتفت إليّ قائلًا: “هل لك أن تخبرني يا جمال باشا بالمطالب التي تطلبها الحكومة العثمانيّة في مقابل الاحتفاظ بالحياد التّام الحقيقيّ إلى نهاية الحرب؟” فأجبته بأن ليس ثمّة ريب في حياد الحكومة العثمانيّة، ولكنّي أرى من الواجب عليّ عرض الأمر على الصدر الأعظم.
مصدر المستند
المصدر/المرجع: جمال باشا، مذكّرات جمال باشا، إعداد محمّد السّعيدي، الكتاب الأوّل- دار الفرابي- المجموعة التّاريخيّة العثمانيّة العربيّة 1908- 1918 ص 220- 221 ا
تعريف المستند
يُظهر هذا المستند المخطّط العسكريّ الذي اتّبعته السّلطنة العثمانيّة بوجه دول حلف الوفاق الودّي لإبعاد الشّبهات عن الإتّفاقيّة بينهم وبين الألمان، وكيف كانوا يجتمعون مع الفرنسيين والإنكليز للإتّفاق معهم في حين أنّهم يسهّلون مرور الأساطيل الألمانيّة في بحر مرمرة.
أسئلة حول المستند
كيف نفهم سياسة الأتراك قُبيل الحرب الأولى؟