مذكرات للتاريخ

إن عدم الإمهال في التحصيل، والتعجيل فيه، يزيد في عدم القدرة على دفعها، ويثقل كاهل العامليين. (اولا): لان جبل عامل مقاطعة صغيرة، ومائة الف ليرة ذهبا، تعجز عنها دولة من الدول الصغيرة في مثل هذا الوقت، الذي قل فيه الذهب، واصبح التعامل في اقطار الارض بالنقد الورقي. فكيف بجبل عامل، على فقره وضعفهوخروجه من نكبات الحرب والمجاعة، التي كانت ضاربة أطنابها فيه، وتأخر زراعته.

(ثانيا):يضطر العاملي عند تعجيل الطلب، ان يبيع مواشيه ومقتنياته، لوفاء ما عليه من هذه الغرامة. وبالطبع لا، يجد من يشتريها بأقل من قيمتها، لوفرة العرض وقلة الطلب، ولإضطراره الى التعجيل في البيع مع عدم المشتري، فتصبح الضريبة أضعاف ما هي، بالنسبة الى ما يخسره الغارمون.

(ثالثا): إن اعمال الزراعة في جبل عامل، ستتوقف في السنة القادمة، لان الفلاحين اضطروا بسبب الضريبة، وتعجيل دفعها، الى بيع بذارهم ومواشيهم. فضلا عما تلف في هذه الاحوال، من المواشي والمزروعات. فلم يبق لديهم رأس مال لإدارة زراعتهم، فيضطرون والحال هذه، الى الهجرةمن بلادهم الى حيث يجدون الرزق. وتصبح البلاد، وهي في اول عهد الاحتلال، خرابا. وهذا بالطبع، ضد ما تريده السلطة. وربما يضطرون اخيرا، الى بيع املاكهم من صهيونيي فلسطين، وهناك الطامة الكبرى والبلاء العظيم. فإذا رأى فخامة الجنرال، تمديد مدة الدفع ثلاث اشهر على اقل تقدير، كان ذلك رأفة منه. (رابعا): ثم ان الحكومة، على ما بلغنا، أمرت بتحصيل كل البقايا من الاموال الاميرية القديمة، مع اموال السنة الحاضرة، ثم زيادة بلات الاعشار خمسة وعشرين او خمسين بلامائة.في نفس الوقت الذي تجمع فيه الضريبة. فكيف يمكن لهذا الشعب الضعيف، أن يقوم بكل ذلك في وقت واحد؟