فينيقيا مقاطعة رومانيّة
إنّ السياسة الهادفة الّتي اتّبعها الرومان إلى كسب ودّ الشّعوب الّتي يُخضعونها كانت أكثر ظهورًا في البلاد الفينيقيّة، غذ بادروا إلى عقد معاهدة مع السّكّان تقضي على ما يبدو باستمرار العمل بشرائعهم وعاداتهم، جاعلين أمرهم شورى، يتدبّرون شؤونهم بانفسهم وبواسطة أشرافهم.
فما اعتم أن ساد الأمن وطبّق القانون وعمّت البحبوحة وازدهر الاقتصاد، وراحت العادات الرومانيّة تتأقلم والاعراف المحليّة حتّى كاد النّاس ينسون لغّتهم الفنيقيّة واللّغّة الآراميّة ليتعلّموا اللّغة اللّاتينيّة الّتي أصبحت اللّغة الرّسميّة في الدوائر والمعاملات، إلى جانب اللّغّة اليونانيّة الواسعة الإنتشار هي أيضًا على شواطىء المتوسّط. ولوفرة ما نعمت به فينيقيا ساحلًا وجبلًا، ولا سيّما بيروت، من خصائص وامتيازات، طَفِقت المدن المجاورة تشتهي لو تصبح مستعمرة رومانيّة. كما طفق الرومان أنفسهم يسافرون إلى بيروت للسياحة والاستجمام، يقيمون فيها، ينظّمون في ساحتها الكبرى وملاعبها المآدب والحفلات.
وثمّة من يؤكّد أنّ تلك السياسة المنتهجة مع بعض الشّعوب الّتي يخضعونها كانت تترافق ونيّات مبيّتة تقوم على الإمعان في قسمة السّكّان فئتين أينما كان: فئة تطالب بالحريّة، وفئة تدّعي أن لا حريّة إلًا تلك الّتي تأتي من الرومان فتنعم بالحظوات والإمتيازات.
مصدر المستند
المصدر/المرجع: إميل بجّاني، مدرسة بيروت للحقوق يليه شيششرون رائدًا ومعلّمًا، دار النّهار، الطبعة الأولى، أيّار 2005، ص 17
تعريف المستند
يخبرنا هذا المستند بوضوح عن معاملة الرومان الخّاصة لمدينة بيروت في حوالي السنة 64 ق. م. بعد احتلالها، والصلاحيّات الّتي بقيت لها، ممّا جعلها محطّ أنظار للكثير من الشّعوب...
أسئلة حول المستند
- إلى أيّ مدى ساهمت السياسة المفروضة من قِبل الرومان على مدينة بيروت، من إندماج هذه الأخيرة مع الحضارة الرومانيّة؟ - اِستنتج (ي) الغاية من هذه السياسة المتّبعة من قبل الرومان. - هل تجد (تجدين) في المستند، ما ييماشى مع مفهوم الدّيمقراطيّة في وقتنا الحاضر؟ علّل (ي)