جذور الإنتفاضة

تقف أسباب عدّة وراء إنتفاضة الشعب العربي الفلسطيني، وكلّها ساهمت في إطلاق الإنتفاضة ضد الإحتلال الإسرائيلي عام 1987. فالإحباط المستمر الذي عانى منه الفلسطينيّون حيال إيجاد حل عادل لقضيتهم الوطنيّة، نتيجة فشل المحاولات الإقليميّة والدوليّة في بلورة هذا الحل، بعدما شكّل قيام ما يسمّى “دولة إسرائيل” أكبر تحدٍّ دولي لحق الشّعوب في تقرير مصيرها، ولطالما كان يحرّك شبيبة الأرض المحتلّة، ويدفعها نحو الجهاد والمواجهة، وإخفاق سياسة “كامب ديفيد” في الفلسطينيين أكثر من حكم ذاتي للسكّان في الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة، بمعزل عن حقّهم في تقرير مصيرهم، وتعرّض المقاومة الفلسطينيّة للضرب والتهجير بعد الغزو  الإسرائيلي للبنان في صيف 1982، وتشتّت آلاف الفلسطينيين نتيجة هذا الغزو في بعض الأقطار العربيّة وما رافق ذلك من مرارة متصاعدة عند فلسطينيي الداخل والخارج، ثمّ تراجع الإهتمامات العربيّة الرّسميّة بالقضيّة الفلسطينيّة طوال مرحلة الثمانينات، مع تقدّم النزاعات الإقليمية في جدول هذه الإهتمامات، إلى أن تكثّفت الجهود الدولية بمواكبة جهود إقليميّة في المنطقة العربيّة، وخاصة منذ عام 1987، لاستئناف عقد المؤتمر الدولي من أجل إنجاز التسوية السلمية للصراع العربي- الإسرائيلي وللقضية الفلسطينية، وبالتالي بروز الإتجاه السياسي الفلسطيني الداعي إلى دخول في عملية التسوية من خلال الضغط على المجتمع الدولي بواسطة الإنتفاضة الشعبية في الأراضي المحتلة، لعلّ بمثل هذا الضغط يتحسّن الموقع الفلسطيني المفاوض في المؤتمر الدولي …

كل تلك الأسباب صحيحة، لكن السبب الأصلي الذي وقف ويقف وراء الإنتفاضة  كان وما يزال هو إهمال حق تقرير المصير  للشعب الفلسطيني، فضلاً عن أن الثورات الشعبية الفلسطينية لم تتوقّف ضد الإستيطان الصهيوني في فلسطين من بداية عهد الإنتداب البريطاني في عام 1920، وإبان فترة الإنتداب وبعد إقامة “إسرائيل” بالقوة والخديعة والعدوان، والثورات الآيلة إلى إحقاق  الحق، وتثبيت الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني.