المعارضة اللبنانية في فترة الخمسينات
جرت يوم الأحد أكبر مظاهرة للمعارضة في أرض ” جلّول ” المجاورة لمحطة الحرش الكهربائيّة في بيروت . فمنذ الصباح الباكر ، أخذت الباصات والسّيّارات تنقل من جميع المناطق اللّبنانيّة أفواجًا من أنصار المعارضة إلى مركز التّجمع المقرّر ، بحيث أصبحت الجموع المحتشدة لاستقبال زعماء المعارضة عند وصولهم في الموعد المحدّد وللإستماع إلى خطاباتهم تزيد عن 75 ألف ، وكان من أهم ممثّلي المعارضة الموجودين في هذه التّظاهرة حميد فرنجيّة ، وأحمد الأسعد ، وعبدالله اليافي ، وصائب سلام ، وفيليب تقلا وعلي بزي .
أمّا الخطاب الإفتتاحي لهذا المهرجان الإحتجاجي فألقاه حميد فرنجيّة الّذي عرض الأهداف الرّئيسيّة للتّحرّك الّذي تقوم به جبهة الإتحاد الوطني . وحدّدها بثلاثة : استقلال لبنان الحقيقي ، التّام والمطلق ، حماية الميثاق الوطنيّ ، والعودة إلى سياسة خارجيّة متّفقة مع سياسة الدّول العربيّة .
لقد أسهمت مظاهرة 13 أيار 1957 ، إلى حدّ كبير ، في توضيح بعض النّقاط ، فالمعارضة ربما كانت أقلّية في البرلمان ، لكنّ الشعب أمّن لها أكثريّة قد يحسدها عليها الحكم نفسه . و كان لهذه المعارضة برنامج يضمن وحدة اللّبنانيين على رغم تنوّع طوائفهم و توجّهاتهم السّياسيّة . ولأوّل مرّة منذ زمن طويل ، منذ نضالات الإستقلال ، كان هناك إمكانيّة حقيقيّة لوضع أشخاص محكوم عليهم بانتمائهم الطّائفي والإجتماعي أو المناطقي على الطّريق الكفيلة بتحويلهم إلى مواطنين مسؤولين .ومن السّهل أن نتصوّر الخطر الذي كانت تمثله امكانية مثل هذا التّطور بالنّسبة إلى سلطة تتناقص خياراتها وعملها السّياسي مع الإصلاحات الّتي تطالب بها المعارضة .
لم يكن هناك أي جديد في ردّ السّلطة على هذا البرنامج السّياسي والوطني . فالبلاد كانت تقترب من انتخابات نيابيّة لا تختلف إطلاقًا عن سابقاتها ، إذ كانت الرّشوة والعنف ، من جديد ، هما القاعدة . ” ومما يُلاحظ بكثير من الدّهشة ، حسبما قالت ” التّلغراف ” ، أنّ حاشية القصر وأصدقاء القصر المقرّبين إليه والمرافقين والشّركاء سابقًا من مكتب المحامين قد بادروا إلى ترشيح أنفسهم للنّيابة عن لبنان ” .وبعد أيام قليلة ، عُلم أنّه تمّ توزيع رخص لإنتاج التّبغ ، متعلّقة بمساحات واسعة ، من أجل استمالة النّاخبين إلى المرشّحين الرّسميّين .
في الوقت نفسه ، ارتُكبت أعمال عنف ضد المعارضين . فسُجّلت في مركبا ( جنوب لبنان) حوادث خطيرة : لقد خرّبت بمساعدة الدّرك مدارس ومقاهي يملكها أنصار الرّئيس الأسعد . كما جرت أعمال أخرى مماثلة ، سواء في بيروت أم في البقاع ، إلى حد انّ نسيب المتني كتب يقول : ” انتخاباتكم غير لبنانيّة … بل مؤامرة اجنبيّة ” .
مصدر المستند
حميد فرنجية لبنان الآخر الوحدة إلى زوال زينة ونبيل فرنجية " ملف العالم العربي " FMA ، بيروت ـ لبنان. الطبعة الاولى : تشرين الثاني 1993 الصفحات : 312 / 316 / 317 /
تعريف المستند
المعارضة اللبنانية التي ترأسها حميد فرنجية في فترة الخمسينات .
أسئلة حول المستند
1 ــ الدور الذي لعبته المعارضة اللبنانية في فترة الخمسينات . 2 ــ المواجهات التي حصلت بين قوى المعارضة والسلطة الحاكمة في فترة الخمسينات . 3 ــ إلى أي مدى استطاعت المعارضة تغيير الواقع السياسي اللبناني في تلك الفترة .