الكونسيوسيوم

فضل السلطات التنفيذية والتشريعية الاستثنائية التي يتمتع بها رئيس الجمهورية ، تحول موقع الرئاسة الى ركيزة أساسية من ركائز المصالح الاقتصادية المسيطرة . وقد بات هذا التقليد ، الذي بدأ في ظل العهد الاستقلالي الاول ، سمة مميزة من سمات الاقتصاد السياسي في لبنان . تضم الاوليغارشية التجارية المالية التي استولت على السلطة الاقتصادية في البلاج في العهد الاستقلالي نحو ثلاثين أسرة تتحلق حول نواة صلبة هي ” الكونسورسيوم ” المتكون من شقيقي وابنائه ونحو دزينة من الاسر الحليفة ، إن درجة السيطرة الاحتكارية التي مارستها تلك الاسر على اقتصاد البلاد مبهرة خصوصا اذا ما قورنت بالادعاءات الليبرالية ل” جمهورية التجار ” من حيث التوزع الطوائفي ، ضمت أسر الأوليغارشية 24 اسرة مسيحية (9 موارنة و7 روم كاثوليك و4 أسر أرثوذكسية …. ) مقابل ست اسر مسلمة ( 4 سنية وواحدة شيعية وواحدة درزية ) وكانت الاسر المسيحية تمارس المصاهرة للحقاظ على ثروات وممتلكات الاسرة … من الاسر الاوليغارشية بعلاقات مصاهرة فيما بينهما وهم آل فرعون ، شيحا ، حداد ، كتانة … ) حيث راكمت الاسر الاوليغارشية ثرواتها من مصادر ثلاثة تجارة الحرير زمن المتصرفية وارباح الحرب بين 1940- 1944 ومن اموال الهجرة في بلاد الاغتراب . احتل أعضاء الكونسورسيوم مواقع سيطرة في كل قطاعات البلد الاقتصادية . امتلكو في القطاع المصرفي دزينة من المصارف المحلية أبرزها ” بنك لبنان وسوريا صاحب امتياز اصدار العملة وادارة مالية الدولة والمسيطر والمسيطر على حركة التسليف والمبدلات التجارية مع فرنسا . أكبر شركة تأمين ” الاتحاد الوطني ” هي شراكة بين اعضاء الكونسورسيوم ورأس المال الفرنسي . ومعظم اعضاء الكونسيورسيوم هم مستوردي المنتجات الغربية المصنعة يسيطرون على الحصة الاكبر من السوق المحلي للمواد الغذائية والاسلحة ومواد البناء والاخشاب والقهوة و…….. وهذه الاسر كانت رائدة في ميدان السياحة وتملك اكبر واضخم الفنادق في بيرؤوت ( السان جورج والبريستول ) ومركز الاصطياف والتزلج وسيطرة هذه الاسر تمتد نحو قطاع الخدمات كشركة مرفأ بيروت ، وشركات المياه والكهرباء وشرك الطيران ( آر ليبان ” ” وميدل ايست آرلاينز “وغيرها ……. وقد قدرت ثروات خمس عشر أسرة من تلك الاسر ب 245 مليون ليرة لبنانية ، ما يعادل تسعة اضعاف خزينة الدولة للعام 1948 وكان قسط وفير من تلك الثروات موظفا خارج البلاد . وخلال تلك الفترة انتخب 13 من ابناء الاوليغارشية نوابا في البرلمان اللبناني ، واحتل خمسة منهم مناصب وزارية وعين احدهم رئيسا للوزراء . وفرض معظم نواب الاوليغارشية على مناطقهم من فوق خصوصا في البقاع والجنوب ، حيث لعبوا دور ممولي اللوائح الانتخابية ل ” الاقطاع السياسي ” . الياس طرابلسي ، مثلا ، التاجر الثري من دير القمر ، وهو ممول لائحة احممد الاسعد في الجنوب ويخوض الانتخابات من ضمنها . وبيار فرعون ، ابن عم هنري فرعون ، ونقولا سالم ينتخبون نوابا عن جزين .