الذكرى المئوية لولادة دولة لبنان الكبير
يحتفل لبنان اليوم يوم الثلاثاء أول أيلول/ 2020 بالذكرى المئوية لولادة دولة لبنان الكبير عام 1920. ومن هذا المنطلق، يثبت زيف منطق الذين طالما سخروا من كيان لبنان واعتبروه مصطنعاً ذا تاريخٍ مزّيف وحدودٍ مركّبة. ومن غير المقبول منطق الذين يسخفون من رموز لبنان الثقافية والحضارية والاجتماعية. ذلك أنّ دولة لبنان الكبير ترتكز على ثلاثة أعمدة هي (1) شرعية الكيان و(2) أسطورته التاريخية (3) ووضعه الصامد الراهن. وهي أعمدة صلبة ثقافية وسياسية واقتصادية أعطت لبنان شخصيته المميّزة.
أولاً: شرعية الكيان: نجح الوطن اللبناني في امتلاك حقيقة شرعية تجسّدت في دولة لبنان الكبير منذ 1920. ولقد ظهرت فيه قوميات ثلاثة – لبنانية وسورية وعربية – وُلدت وازدهرت لتصبح جزءاً من النشاط الفكري اللبناني، وهو ما انفرد به لبنان دون الدول العربية الأخرى. واعتباره كياناً مصطنعاً هو خاطىء لأنّ لبنان هو ثمرة تراكم قرون من العادات والتقاليد وتعايش جميع الفئات الدينية والاثنية على أراضيه. والتاريخ لا يسجّل الأماني ولا النيات بل الأفعال والوقائع. فإنّ التقارب الشعبي بين اللبنانيين يعيد التوازن إلى الدولة والسيادة. ولقد ثبت مراراً في الماضي أنّ انهيار الحكومة اللبنانية لا يؤدي إلى غياب الدولة أو زوال لبنان.
ثانياً: أسطورة لبنان التاريخية: احتاجت الفكرة اللبنانية إلى بعد تاريخي لدعمها. ولذلك ظهرت كتابات خلقت مكتبة متينة عن جذور تاريخ لبنان. ومن الذين لعبوا هذا الدور فيليب حتّي (لبنان في التاريخ) وكمال الصليبي (تاريخ لبنان الحديث). فكان كتاب حتّي عن لبنان عام 1946 أول محاولة موثـّقة أعطت لبنان وثيقة تثبت البداية قبل ستة آلاف سنة. وخلق أسطورة تاريخ لبنان خفّف من المنحى الأوروبي الذي زرعته فرنسا وأنّ للبنان ميزّات خاصة نعم، ولكنّه يشارك محيطه وخاصة في سورية وفلسطين في الثقافة والتاريخ والجغرافية. فإنّ كل اللبنانيين باستثناء الأرمن هم أولاد عرب، إما بأصلهم القبلي أو بإرثهم اللغوي الثقافي. فالكل من أهل جبل وسهل وساحل وجنوب وشمال يفخرون بكرم الضيافة العربية والشرف والكرامة والأخلاق الاجتماعية والروابط العائلية. واستقلال لبنان عام 1943 هو أمر راهن لا جدال فيه، كما أنّ تاريخه الذي سبق العام 1920 هو أيضاً لا جدل فيه. بل إنّ التعرّف بالتاريخ العتيق يزيد من ثقة اللبناني بنفسه ويؤكد على صدقية الكيان.
ثالثاً: وضع لبنان الراهن: أعطى لبنان الكبير رغم صغر سنّه نسبياً العالم الصورة الحضارية والمزيج الثقافي كأفضل نموذج لما يمكن أن تكون عليه المواطنية في المجتمعات المعاصرة.
- أولاً، على الصعيد الثقافي، أنّ النهضة الثقافية العربية بدأت كنواة قوامها بيروت وحلب والقاهرة ثم انطلقت إلى بقية المدن العربية. حتى إنّ أولى الصحف الصادرة في القاهرة كـالأهرام مثلاً، والمجلات والجمعيات العلمية والمؤسسات التعليمية وطباعة الكتب، كان على رأسها لبنانيون.
- ثانيا: وعلى الصعيد السياسي والاجتماعي، تمسّك لبنان بنظامه الديمقراطي الحر – رغم عيوبه وبخاصة في الثغرات الطائفية. ولا يزال يعيش تجربة تعددية حزبية قلّ نظيرها حتى في أوروبا. وفي لبنان أيضاً تنوّع ملحوظ في الجمعيات والأحزاب، والحياة السياسية والاجتماعية صاخبة وتثير فضول المراقب الخارجي. فالحرية هي رسالة لبنان.
- ثالثًا: وعلى الصعيد الاجتماعي، حتى في أشد سنوات الحرب ظلاماً من 1975-1990، لم ينهَر التلاقي الاجتماعي اللبناني وبقي ثمّة حد أدنى من التعاضد. ولكن رغم الأزمات، التنوّع في المذاهب موجود في كل مناطق لبنان والزواج المختلط بات شأناً عادياً حيث تجاوز عدد الزيجات المختلطة بين مسلمين سنّة ومسلمين شيعة المليون شخص، وبين مسلمين ومسيحيين المائة ألف، في حين تشكّل مدينة بيروت أكبر حالة تنوّع مذهبي في العالم. وثمّة حياة مدنية لبنانية ناجحة، سواءً في مجالات الثقافة والفنون والإعلام، وفي النوادي والأحزاب وأمكنة العمل سواءً في الإدارات الرسمية وشبه الرسمية والمؤسسات الخاصة وتزايد في الصداقات المختلطة في الجامعات والمدارس.
- وأخيراً، تبقى نواقص تحتاج إلى عمل متواصل معظمها في الفساد والمحاصصة في مؤسسات الدولة والإدارة العامة.
مصدر المستند
اقتصاد اون لاين https://www.iktissadonline.com/
تعريف المستند
يتناول المستند الذكرى المئوية لولادة لبنان الكبير ومناقشة الكاتب هذه الذكرى باوجه مختلفة مدى تأثير الاعلان على الوضع الحالي في لبنان.
أسئلة حول المستند
حدد الاسس او الاعمدة التي يرتكز عليها دولة لبنان الكبير. الى اي مدى يرتبط اعلان لبنان الكبير بالوضع الحالي؟ ماكان دور لبنان الثقافي وتأثيرة في محيطة العربي؟