الديمقراطية في سوريا ولبنان

رافق توثيق العاطفة القومية، وانتشار اسباب التعليم، رغبة متزايدة في مزاولة المزيد من المناهج الديمقراطية في الحياة الاجتماعية والسياسية. وكان التمرد في طبقة المزارعين قد هيأ جوا صالحا لاستقبال الافكار الديمقراطية ولتنميتها. <…..> واذ ربح السوريون واللبنانيون معركة الاستقلال من الفرنسيين اقبلوا، اكثر منهم من اي وقت مضى، على الافكار والنظم الديمقراطية الغربية، وكيفوها بحسب حاجاتهم الخاصة. ان انفتاح سوريا ولبنان وفلسطين، في خلال القرن التاسع عشر، للجديد من الافكار الاقتصادية والعلمية والسياسية، كان ارسخ اثرا واكثر استمرارا منه في القرن السابع عشر، فكان اشبه بانفتاح العالم العربي برمته. <……> على ان هذا النضال الناجم عن الفارق بين النظرة التقليدية الجامدة الدينية والنظرة الحديثة العلمية المدنية، كان اظهر اثرا في الاوساط الاسلامية. بل ان المنطقة برمتها كانت اندرجت في الشبكة الاقتصادية التي انتشرت بتأثير حركة التصنيع في اوروبا الغربية وعبثا حاولت المصنوعات اليدوية المحلية تنافس السلع المستوردة المصنوعة اليا بالجملة، وقد ادى هذا الى انهيار الاقتصاد المحلي. وقد كانت هذه الفترة برمتها فترة تطور وانتقال، فنشوء الحركة القومية واستيلائها على حياة الشعوب، واقتباس مبادىء الديمقراطية السياسية، والسير في الاتجاه العلماني التجددي جميع هذه، تؤلف فصلا جديدا في تاريخ لبنان وسورية.