إستنزاف وطن ، وخسارة ابناء

طبيعة المستند : مقالة
مجالات التاريخ : الاجتماعي و الاقتصادي
الحقبة التاريخية : 1900م – حتى اليوم
الأرشيف / المكتبة : مكتبة السيد محمد حسين فضل الله

لقد ثبت أن الهجرة هي سنّة حياتية رافقت كل العصور البشريّة،  وقد أدّت نتائجها الى ثورات اصلاحية وتغييرات جوهرية في المجتمعات على اختلافها، وذلك باستحداث حواضر جديدة، واعمارها وإصلاحها حسب مقتضياته. وهكذا بقيت هذه السنّة تتأصل في النفس البشريّة التي ظلّت توّاقة الى اكتشاف العالم الجديد، عبر المغامرات والرحلات الفردية أو الجماعية، نشر الإنسان بها وسائل استكشافاته عبر ركوبه البحار والمحيطات ليتوسّع في استعمار الأرض واستيطانها.

إذ تؤثر الهجرة بداية وبشكل مباشر على المهاجر نفسه وعلى من حوله من الأهل والأبناء والأصحاب ترتد عليهم بمفاعيلها وانعكاساتها، الايجابية والسلبية، نتيجة انسلاخه عن وطن الآباء والأجداد وانغراسه في أرض غريبة وبعيدة عنهم وانتزاع عاداته وتقاليده من داخله.

عادة يميل الراغب بالهجرة إلى المبالغة بالمزاية والفوائد المرتقبة منها، والتي يمكن أن تعود عليه، وتكون النية عادة متجهة إلى أن لا تدوم الهجرة أكثر من سنوات معدودة، يعتقد أنها كافية لبلوغ مستوى المنشود من التراكم المالي الذي يقنع به.

وتبعاً لنشاطه وواقعه وحظّه وما واجهه ذلك المغامر فقد يكون استفاد من هجرته بتحسين أوضاعه المادية وارتقى برفع مستواه المعيشي وتحقيق طموحاته، وقد يكون واجه الفشل والمتاعب أو خيبة الأمل نتيجة عدم تمكنه من النجاح وبالتالي تنعكس عليه وعلى كل ما له علاقة به من الفوائد أو المضار.

والتأثير الكبير على البلد الأصل للمهاجر أي وطنه الأصلي ومثله أيضاً على على بلد الوصول الذي وفد إليه واستقبله وعاش فيه لمدّة محدّدة ليغادر بعدها أو ليستقر فيه ويتخذه بعد ذلك وطناً له على الدوام. وينطبق هذا الواقع على آثار الهجرة اللبنانية التي تشكل أنموذجاً حيّاً ومثالاً يحتذى به لغيرها من الهجرات في دول العالم المصدرة لابنائها.

كما لا ننسى بأن هذه الهجرات فد تسببت باكتشاف أجزاء كبيرة من كوكبنا، وساهمت بإعمارها وتطويرها، وأنه لم يعد هناك من حواجز طبيعية تشكل عائقاً أمام تحرّك الإنسان وانتقاله من جزء إلى آخر عليها.

مصدر المستند

الهجرة: استنزاف وطن وخسارة ابناء، حسن عبدالله طبيخ، دار العودة بيروت، الطبعة الأولى 2014، صفحة 155-156

تعريف المستند

يسعى بعض الشبان للسعي نحو الهجرة كحل مثالي لتجاوز واقعهم الإقتصادي وتحسين مستواهم المعيشي تحقيقاً لطموحاتهم، فعالباً ما يلجأ البعض إلى الإقامة المؤقتة ثمّ العودة للوطن الأم بعد تحقيق الغايات، والبعض الآخر يتخذ الوطن المهاجر إليه بيئة حاضنة له.

أسئلة حول المستند

إلى أي مدى ساهمت الهجرة في تلبية طوحات الفئة الشّابة للإرتقاء بمستواهم المعيشي؟ هل كانت الأزمات الإقتصادية السبب المباشر في هجرة الأدمغة؟ هل الفجوة بين سوق العمل والإختصاصات الآكاديمية ساهمت في تسويق الهجرة؟

تم التحميل من قبل: إبراهيم زينب (Lebanon)